تصدع أمني في حضرموت يستفز "الرياض".. والرئاسي اليمني في وضع "الصامت".. لماذا؟

2025-12-04 22:59 الهدهد
مسلحون يتبعون المجلس الانتقالي - حضرموت
مسلحون يتبعون المجلس الانتقالي - حضرموت

في حين تعيش محافظة حضرموت، (شرقي اليمن)، كبرى المحافظات اليمنية مساحة، حالةً من الغليان السياسي، والتصدع الأمني والعسكري، والذي وصل إلى إحكام مليشيا المجلس الانتقالي الجنوبي من السيطرة عليها، اختفى رئيس مجلس القيادة رشاد العليمي، ووزير دفاعه محسن الداعري عن المشهد تماماً، إلا من لقاءات هامشية للأخير.

وأمس الأربعاء، اجتاحت مليشيا "الانتقالي" مدينة سيئون، ثاني أكبر مدينة حضرمية، معلنة عن بدء ما أسمته بعملية "المستقبل الواعد" للسيطرة على وادي وصحراء حضرموت، وتمكنت خلال ساعات من دخول المدينة والسيطرة على المواقع المهمة مثل المطار، ومقار إدارة الأمن والمجمع الحكومي وقيادة المنطقة العسكرية الأولى.

وعلى نحو مفاجئ عاشت "سيئون" المدينة المسالمة وبقية المدن والمناطق المجاورة، والتي ظلت بعيداً من الحرب التي أشعلها الحوثيون قبل أكثر من عقد، عاشت لحظات عصيبة، شابها مظاهر سلب ونهب واعتقالات، طالت ضباطاً وجنوداً في المنطقة العسكرية الأولى، التي كانت حتى فجر الأربعاء "قوة ضاربة"، إلا إن البعض يشير إلى أنها تعرضت للخذلان من رشاد العليمي والداعري، كونهما من يملكان قرار الحرب.

رشاد العليمي.. تسجيل غياب

وطيلة اليومين الماضيين، خلت وكالة الأنباء اليمنية سبأ، وهي الوكالة الرسمية للحكومة اليمنية، من أي خبر لرئيس مجلس القيادة، بشأن حضرموت، والأحداث التي عصفت بها، والتي وصلت إلى أن تشكل خطورة على المنشآت النفطية، والتي شهدت تمركزاً لقوات غير رسمية، واشتباكات بالقرب منها.

ومع أن الأحداث المتسارعة، التي شهدتها حضرموت الغنية بالنفط، قد تؤدي إلى شرخ أمني واسع في أكبر محافظات اليمن مساحة، مما يُضعف الأمن في محيط ممرات النفط والسواحل الحيوية، اكتفى "العليمي" الرجل الأول في البلاد، بتعزية خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، ملك المملكة العربية السعودية، بوفاة أحد الأمراء، وهو "الأمير عبدالله بن فهد بن عبدالله بن عبدالعزيز".

الداعري.. هروب إلى القاهرة 

أما وزير الدفاع، "محسن الداعري"، وهو المنحدر من محافظة الضالع (وسط جنوب اليمن)، وهي المحافظة التي ينتمي إليها رئيس المجلس الانتقالي، وعضو الرئاسي "عيدروس الزبيدي"، فقد غادر، "عدن" المعلنة بقرار رئاسي عاصمة مؤقتة للبلاد، مع احتدام الأحداث وبدء تسيير الانتقالي لقواته من الضالع نفسها ويافع وعدن لاجتياح حضرموت.

"الداعري"، الذي غادر البلاد، وكأن ما يحدث في "حضرموت"، لا تعنية، ظهر في العاصمة المصرية "القاهرة"، مشاركاً في "المعرض الدولي الرابع للصناعات الدفاعية"، "إيديكس 2025".

ودون برنامج عمل يهدف من الزيارة، قالت وكالة سبأ الرسمية، إن الوزير الداعري، طاف في أجنحة المعرض، مطلعاً على أحدث التقنيات والتكنولوجيا الدفاعية، ومشيداً بمستوى التنظيم والترتيب لهذا المعرض الدفاعي الدولي المهم.

وفي اليوم الثاني من تواجده في مصر، وهو غداة سقوط مدينة سيئون، وانسحاب المنطقة العسكرية الأولى، التقى "الداعري"، وزير الدفاع والانتاج الحربي المصري، الفريق اول عبدالمجيد صقر.

وطبقاً للإعلام الرسمي اليمني، بحث الجانبان، عدداً من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك وسبل تعزيز التعاون الدفاعي وتبادل الخبرات ومستوى التدريب والتأهيل بين جيشي البلدين الشقيقين.

واليوم الخميس، ومع الحديث عن سيطرة مليشيا "الانتقالي" على كامل الألوية العسكرية في مديريات حضرموت الصحراء، وصولاً إلى تسلمها محافظة المهرة، نقلت "سبأ الحكومية" خبر لقاء لوزير الدفاع في عدن، قالت إنه جمعه وكبير المستشارين العسكريين البريطانيين في الشرق الاوسط، الادميرال "ادوارد جراهام"، و الملحق العسكري البريطاني في السفارة البريطانية لدى اليمن، العقيد "بادي ويليامز".

الوكالة، ذكرت أنه "جرئ خلال اللقاء، بحث مستجدات الأوضاع الأمنية والعسكرية على الساحة اليمنية، إضافة الى استمرار التهديدات التي تشكلها ميليشيات الحوثي الإرهابية على الملاحة الدولية ودول الجوار".

وفيه تطرق "الداعري"، في هكذا لقاءات كالعادة، إلى استمرار تهريب النظام الايراني للأسلحة والمخدرات إلى مليشيا الحوثي، منبهاً إلى مخاطر ظاهرة جديدة في سلوك الحوثيين، قال إنها "تتمثل في تجنيد وتدريب عناصر إرهابية من جماعة الشباب الصومالية والمهاجرين الأفارقة، وذلك في إطار التخادم مع التنظيمات الإرهابية".

وفي اللقاء، الذي خلى من أي ذكر لأحداث حضرموت، أكد "الداعري"، أن الحل الاستراتيجي لتأمين المنطقة، وطرق الملاحة الدولية يتطلب دعم قدرات القوات المسلحة، لتتمكن من أداء مهامها في استكمال التحرير واستعادة الدولة وهزيمة المليشيات الحوثية الإرهابية.

تحرك سعودي ودور الإمارات

على العكس من الموقف الرسمي اليمني، كان هناك تحرك سعودي ملفت، وإن لم تتضح نتائجه بعد، إذ وصل وفد من المملكة إلى مدينة المكلا، عاصمة محافظة حضرموت، برئاسة رئيس اللجنة الخاصة في السعودية، "الدكتور محمد عبيد القحطاني"، والذي عقد عدداً من اللقاءات، والتي انتهت بإبرام اتفاق، أنهى سيطرة حلف قبائل حضرموت على منشآت النفط.

بدورها، مليشيا الانتقالي، ومع وصول عدد من الألوية العسكرية التابعة لها، تحركت للسيطرة على معسكرات المنطقة العسكرية الأولى، التي لطالما وصفها المجلس بالإرهاب والمحتلة لحضرموت الوادي، كما أنها سيطرت على المقرات الحكومية برمتها في المحافظة.

ومع أن الوفد العسكري والأمني، السعودي أكد رفضه لما حدث في المحافظة، مطالباً بخروج أي قوات عسكرية، أو عناصر أمنية وصلت إليها مؤخراً، إلا إن ذلك لم يستجب له "الانتقالي"، وذهب إلى السيطرة على محافظة المهرة المجاورة.

ومع تسارع الأحداث تحدثت مصادر إعلامية، عن زيارة سيقوم بها السفير السعودي إلى اليمن "محمد آل جابر"، إلى مدينة المكلا، لمناقشة ذات القضية، كما أن المملكة سترسل وفداً آخر إلى الإمارات.

ويعود تدخل الإمارات في حضرموت إلى العام 2016، حيث أنشأت حينها "قوات النخبة الحضرمية" للمساعدة في إنهاء وجود  تنظيم القاعدة  في جزيرة العرب"، وهو المبرر المعلن. ومنذ ذلك الحين، "وسعت الإمارات نفوذها على طول ساحل بحر العرب، الذي تعتبره السعودية جزءًا من مجال أمنها القومي".