سيئون تحت النهب: الانتقالي يحوّل حياة المدنيين إلى جحيم
"دخلوا فجراً، أطلقوا النار على الأبواب وكسروا كل شيء. أخذوا كل ما يمكن حمله من منزلنا ممتلكاتنا الشخصية، ولم نتمكن من فعل شيء"، بهذه الكلمات بدأ أحد سكان مدينة سيئون حديثه، وفضّل عدم ذكر اسمه، وهو يصف الصدمة التي عاشها حين اقتحمت مليشيات "المجلس الانتقالي الجنوبي" المدعومة إماراتيا، منزله بمدينة سيئون عاصمة وادي حضرموت ونهبت ممتلكاته.
يقول المصدر ذاته: "كل شيء أصبح عرضة للنهب، لم نعد نعرف أين نضع أيدينا، الخوف يسيطر على كل شيء". لم يكن منزله وحده هدفًا؛ بل امتدت عمليات الاقتحام لتشمل ممتلكات العديد من الأسر الأخرى، وأثرت بشكل مباشر على حياتهم اليومية، إذ لم يعد بإمكانهم الخروج بأمان حتى لشراء حاجاتهم الأساسية.
هذا المشهد المفزع كان بداية ثاني يوم على سيطرة الانتقالي على المدينة ومدن الوادي الأخرى في مشهد أشبه بتسليم واستلام، حيث كررت مليشياته ما فعلته في مناطق أخرى، وذلك باستهداف منازل ومحال تجارية يملكها مواطنون من المحافظات الشمالية.
وقد حصلت منصة "الهدهد" على مقطع فيديو يوثق عمليات نهب جماعية لممتلكات مواطنين وقد سُمع صوت أحدهم يحث الذين حضروا على نهب المزيد واستغلال الفرصة.
بينما يحاول السكان استيعاب حجم الخسائر التي لحقت بهم، جاء حديث أحدهم الذي فضّل أيضًا عدم ذكر اسمه ليكشف جانبا آخر من الرعب الذي عاشه الأهالي: "حاولنا الصمود داخل المنزل، لكنهم كانوا يقتحمون أي باب مغلق وكأنهم يبحثون عن كل شيء ثمين. كل ما بناه أهالي الشمال في المدينة أصبح عرضة للتدمير".
هذه الرواية تنتقل بنا إلى الخلفية الأكبر للأحداث؛ إذ تشير المصادر إلى أن عمليات الاقتحام طالت منزل قائد المنطقة العسكرية الأولى السابق اللواء صالح طيمس، ومنزل وزير الداخلية اللواء إبراهيم حيدان، بالإضافة إلى منازل عدد من القادة العسكريين في المدينة.
وفي رواية ثالثة، قال مواطن آخر: "رأيتهم ينهبون كل شيء أمام أعيننا، حتى الأثاث وكل ما يمكنهم حمله. لم نكن نعرف أين نلجأ، المدينة كلها أصبحت تحت سيطرتهم". هذه الكلمات توضح مدى الفوضى التي يعيشها الأهالي، حيث أن الخوف أصبح جزءًا من حياتهم اليومية، ويعيشون بين الصدمة واليأس، وسط مخاوف من توسع أعمال النهب وربما إجبار الناس لاحقا على التهجير القسري في ظل غياب أي جهة تحميهم.
وتشير مصادر محلية إلى أن هذا التصعيد لم يشمل فقط الممتلكات، بل امتد ليشمل المحال التجارية والأنشطة الاقتصادية، وهو ما يزيد من معاناة السكان الذين يجدون أنفسهم محاصرين بين العنف والخوف من المستقبل.
ويؤكد السكان أن تأثير هذه الأحداث يتجاوز الخسائر المادية، فهو يترك آثارًا نفسية عميقة على العائلات، خاصة الأطفال والنساء الذين يعيشون في حالة من القلق المستمر، مع خوف دائم من تعرضهم للعنف أو للنزوح القسري. بعضهم يحاول استعادة قدر من حياتهم الطبيعية، لكن الخطر يظل حاضرًا في كل زاوية من المدينة، وسط استمرار تواجد المسلحين في الشوارع وتحكمهم في الحركة اليومية.
وتظل روايات السكان، الذين فضلوا عدم ذكر أسمائهم، شاهدة على المعاناة التي يعيشها المدنيون، وما خلفته سيطرة المجلس الانتقالي من فوضى وخوف وعدم استقرار، في مشهد يعكس هشاشة الأمن واستغلال الفوضى لتحقيق مكاسب سياسية ومادية على حساب السكان الأبرياء.