حضرموت.. الجيش يدخل خط الأزمة وينشر قواته والسلطات تتحدث عن "اتفاق مبدئي"
شهدت محافظة حضرموت (شرق اليمن)، الثلاثاء، يوماً آخر من التوتر العسكري، الذي يأتي بعد أيام من التحشيد والتحشيد المضاد، بين قوات حلف قبائل حضرموت ومليشيات المجلس الانتقالي الجنوبي، قرب منشآت نفطية إستراتيجية، وهو ما ينذر بتشظ جديد للبلاد ودخولها في طور آخر من الحرب المستمرة منذ عقد والمدفوعة بنزعات استقلالية وأجندة إقليمية.
"الهدهد" رصد الأحداث التي عاشتها المحافظة النفطية، اليوم، والذي شهد دخول الجيش اليمني، خط الأزمة المتصاعدة، عبر تحرك للمنطقة العسكرية الأولى، التي نفت "الشائعات" التي تزعم سيطرة مليشيات الانتقالي على مواقع تقع في نطاقها العملياتي، في وادي حضرموت.
وطبقاً لبيان للمركز الإعلامي للقوات المسلحة اليمنية، أكدت المنطقة العسكرية الأولى، أن الأوضاع تحت السيطرة ولا صحة للشائعات التي يروج لها البعض حول سقوط مواقع عسكرية أو حدوث اشتباكات مع أي أطراف، مشدّدة على أن القوات تقوم بمهامها بكفاءة واقتدار.
وأشار البييان إلى أن قائد المنطقة العسكرية الأولى، قائد اللواء 37 مدرع، اللواء الركن صالح الجعيملاني، تفقد اليوم عدداً من المواقع الأمامية التابعة للمنطقة، للاطلاع على سير المهام والواجبات القتالية في مسرح العمليات.
وأصدر قائد المنطقة العسكرية الأولى توجيهاته إلى وحدات المنطقة كافّة بتنفيذ خطة الإغلاق والتأمين لكامل مسرح عمليات المنطقة بما يضمن تعزيز إجراءات الحماية والاستعداد المستمر.
وشدد على رفع مستوى الجاهزية القتالية في جميع الوحدات والاستعداد الدائم لمواجهة أي طارئ، مؤكداً أن المنطقة العسكرية ستظل ثابتة على أداء مهامها ضمن نطاق انتشارها، ملتزمة بتنفيذ واجباتها الدستورية والوطنية.
قائد المنطقة العسكرية الأولى جدد التأكيد أنّ وحدات المنطقة ستواصل دورها في تعزيز الأمن والاستقرار، ورفع جاهزيتها لحماية المواقع والمكتسبات الوطنية، وتنفيذ المهام الموكلة إليها بكفاءة وانضباط.
إلى ذلك قالت مصادر عسكرية، إنّ قوات المنطقة العسكرية الأولى نشرت العديد من الدبابات والأسلحة والمعدات الثقيلة في أطراف مواقع المنطقة العسكرية بهدف منع تقدم مليشيات الانتقالي المتوجهة إلى مدينة سيئون.
وأضافت المصادر أن هناك هدوءاً حذراً من جميع الأطراف في ظل التخوفات من انفجار الوضع عسكرياً، خاصة مع استمرار التحشيد العسكري للوحدات التابعة للانتقالي الجنوبي من جهة، وحلف قبائل حضرموت من جهة أخرى، وهو التحشيد المتزامن مع انتشار واسع لوحدات وألوية المنطقة العسكرية الأولى التي تتخذ من مدينة سيئون مقراً لها.
إيقاف تقدم مليشيات الانتقالي
وفي وقت سابق اليوم، أفاد مسؤول في السلطة المحلية في حضرموت الوادي، بأن قوات الجيش في المنطقة العسكرية الأولى أوقفت مليشيات المجلس الانتقالي الجنوبي التي كانت تتقدم للسيطرة على مدينة تريم.
ووفق مراسل "الهدهد"، نقلاً عن المسؤول المحلي قوله:، إن مليشيات "الانتقالي"، واصلت المسير من مديرية "ساه"، حتى وصلت إلى مفرق "تريم"، وتوقفت، بعد أن أطلقت قوات المنطقة الأولى قذائف تحذيرية باتجاه جبل مقابل.
وأشار إلى أن قيادة المنطقة العسكرية الأولى، لديها أوامر من القائد الأعلى للقوات المسلحة، بالبقاء في مواقعها، وعدم السماح لأية قوات بالتقدم.
وفي وقت سابق، أكد مصدر عسكري، لـ "الهدهد"، أن المنطقة العسكرية الأولى تتصدى لمجاميع ميلشيا الانتقالي في منطقة "ساه" بوادي حضرموت، دون تفاصيل أخرى.
وذكر أن هدف تلك المليشيات التقدم من "ساه"، إلى مدينة سيئون عاصمة وادي وصحراء حضرموت، والتي تقع ضمن نطاق قوات المنطقة العسكرية الأولى.
اتفاق مبدئي
سياسياً، تحدث محافظ حضرموت ورئيس اللجنة الأمنية "سالم الخنبشي"، عن اتفاق مبدئي مع "عمرو بن حبريش، رئيس حلف قبائل حضرموت، بشأن معالجة جميع الإشكاليات التي أدت إلى دخول قوات الحلف إلى بترومسيلة.
"الخنبشي" في تصريخ لقناة اليمن الفضائية، أشار إلى أنه "من المتوقع الإعلان عن الاتفاق غدًا"، وأنه تم التوصل إليه عبر وساطة محلية، مضيفاً: "نسعى بكل جهد لتجنيب المحافظة أي احتكاكات قد تجرّ إلى مواجهات مسلحة".
وأوضح أن الوضع في الهضبة مستقر حتى هذه اللحظة من جانب قوات النخبة الحضرمية وحلف حضرموت، وكذلك في الوادي الذي قال إنه مستقر كذلك، مشيراً إلى أنه لا توجد أي مظاهر تدل على توتر أو احتكاك أو إطلاق نار، والحياة تسير بشكل طبيعي والناس يمارسون أعمالهم.
وساطة محلية
في السياق، أكد محافظ "حضرموت" "سالم الخنبشي"،أن تهدئة النفوس ونجاح الوساطة هما الطريق الأمثل لتجاوز أي خلاف، داعياً الجميع إلى التحلي بروح المسؤولية والعمل معًا لتعزيز الأمن والسلم الأهلي.
جاء ذلك خلال لقاء جمعه بوفود الوساطة، وعلى رأسهم الشيخ معروف بن عبدالله باعباد، والمقدّم علي سالم بلجبلي العوبثاني، وعدد من الوجاهات المجتمعية والقبلية، حيث استمع إلى جهودهم الهادفة إلى تهدئة الأوضاع وعودة الاستقرار والطمأنينة إلى حضرموت.
وطبقاً لإدارة الإعلام بالسلطة المحلية، قال "الخنبشي" إن نجاح الوساطة هو نجاح للجميع، وأن المستقبل يتطلب تكاتف الجهود للحفاظ على حضرموت موحدة ومستقرة، مثمنًا جهود الوساطة النبيلة لتهدئة الأوضاع وتوحيد الكلمة في المحافظة.
ولفت إلى أن مساعي السلطة المحلية تصب في مجرى التهدئة وعودة المياه إلى مجاريها، والسعي لاستعادة نموذجية حضرموت كقاطرة للأمن والسلام والتعايش، مشيراً إلى أهمية تغليب المصلحة العامة وتوحيد الكلمة والصف.
أحزاب حضرموت
من جانبها، أعلنت مكونات وأحزاب حضرموت، الثلاثاء، موقفها من الأحداث الجارية في المحافظة، معبرة عن أسفها من تلك التطورات التي قالت إنها "تهدد السلم الأهلي والاستقرار".
جاء ذلك في بيان وقعه كل من "مؤتمر حضرموت الجامع، والحراك الثوري، وحركة شباب حضرموت، وحركات شباب وأبناء حضرموت الأحرار"، إضافة إلى الأحزاب السياسية ما عدا "الاشتراكي اليمني".
البيان، الذي اطلع عليه "الهدهد"، رحب بمبادرة محافظ المحافظة المعين حديثاً "سالم الخنبشي"، والتي دعت إلى "التهدئة والحوار"، واتخاذ ما يلزم من إجراءات لحفظ أمن المحافظة وصون حقوق أهلها.
كما أعلنت أحزاب حضرموت في بيانها تأييدها لأي خطوات يتخذها "الخنبشي" في إطار ترسيخ الاستقرار وتعزيز الإدارة الرشيدة في هذه المرحلة الدقيقة.
وأكدت أنها تدعم كل جهد رسمي يحفظ أمن المحافظة، ويعزز مسار الإدارة الرشيدة، بما يلبي تطلعات أبناء حضرموت ويحمي مصالحهم، مؤكدة كذلك رفضها رفضًا قاطعًا استقدام أي قوات من خارج حضرموت، داعية إلى عودتها الفورية إلى مناطقها وثكناتها العسكرية، باعتبار ذلك استحقاقًا وطنيًا ومسؤولية قانونية.
وقالت "إن قوات النخبة الحضرمية أثبتت كفاءتها العالية وانضباطها ومهنيتها، وكانت ولا تزال نموذجًا في الأداء الأمني، وهو ما جعل حضرموت من أكثر المحافظات أمانًا واستقرارًا".
أحزاب حضرموت طالبت رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي بتحمّل مسؤولياتهم التاريخية في منع الزج بحضرموت في أي صراع سياسي أو عسكري، واتخاذ الإجراءات العاجلة لوقف حالة التصعيد، والحفاظ على النسيج الاجتماعي، وضمان احترام مقتضيات الشراكة الوطنية، والعمل سريعًا على وضع الآلية التنفيذية لقرارات مجلس القيادة بشأن تلبية مطالب حضرموت الصادرة في 7 يناير 2025م.
ودعت "الرباعية الدولية إلى التدخل العاجل للحيلولة دون انزلاق المحافظة إلى أتون الصراع والمواجهة والتوترات، ولضمان حماية الأمن والاستقرار، ودعم الحلول التي تعزز وحدة الصف الحضرمي وحقوقه المشروعة".
وأمس الإثنين، أفادت مصادر عسكرية وأخرى محلية بأن المجلس الانتقالي الجنوبي، دفع بقوات جديدة إلى المناطق المتاخمة لوادي حضرموت.
وأول أمس الأحد، سقط عدد من القتلى والجرحى في اشتباكات عنيفة اندلعت، في هضبة حضرموت، خلال صد قوات حماية حضرموت التابعة لحلف قبائل حضرموت، هجمات مسلحة شنّها مسلحو قوات الدعم الأمني التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي.
وتعود الأزمة إلى نوفمبر/ تشرين الماضي، بتهديد، أعلنه أبو علي الحضرمي، قائد قوات الدعم الأمني التابعة لـ"الانتقالي"، ضد حلف قبائل حضرموت بأنه لن يسمح لبن حريبش (زعيم حلف قبائل حضرموت) بالتمدد في المحافظة، وهو الموقف الذي واجهه الحلف بالدعوة إلى المقاومة بكل الطرق والوسائل للدفاع عن حضرموت وثرواتها، في مواجهة القوى الوافدة من خارج المحافظة، وذلك رداً على التحشيد الذي يقوده المجلس الانتقالي الجنوبي.