السعودية ترفع صوتها ضد فرض الأمر الواقع للانتقالي بحضرموت والمهرة
تتواصل التحركات السعودية على المستوى السياسي والإعلامي لرفض أي محاولات لفرض سلطة الأمر الواقع في محافظتي حضرموت والمهرة، وهو ما انعكس بوضوح في مواقف عدد من الصحفيين والمحللين السعوديين خلال الأيام الماضية، في إطار دعم الحكومة الشرعية وحماية وحدة اليمن واستقراره.
في هذا السياق، كتب عضوان الأحمري، رئيس تحرير صحيفة "اندبندنت عربية"، في تغريدة على حسابه الرسمي بتويتر:"أي تشكيلات عسكرية خارج جسد الدولة، هي خلايا سرطانية تنهش في الأمن والاستقرار وتبتز وتفرض أمرا واقعاً مؤقتاً. في السودان أو اليمن أو أي دولة أخرى، السلاح في يد الدولة وأي سلاح آخر هو أداة تهديد لا تنمية".
يشير تصريح الأحمري إلى موقف سعودي واضح: السلاح خارج إطار الدولة يمثل تهديداً للأمن والاستقرار وليس أداة تنمية، وهو ما يشكل تمهيداً لفهم الموقف الرسمي السعودي تجاه تحركات المجلس الانتقالي في المحافظات الشرقية.
من جانبه، أضاف د. عبدالهادي الشهري، المحلل السياسي السعودي، أن الملف اليمني حظي بسلسلة من القرارات الدولية التي أكدت على وحدة الأراضي اليمنية ورفض أي مشاريع للتقسيم، مؤكداً أن الحكومة الشرعية هي الممثل المعترف به دولياً.
وأضاف الشهري:"السعودية منذ البداية كانت الأكثر حرصاً على تطبيق هذه القرارات، ودفع المسار السياسي نحو الاستقرار والسلام في عموم اليمن. ومع استعادة الدولة ومؤسساتها، يظل حق اليمنيين في تقرير مصيرهم السياسي حقاً أصيلاً بعيداً عن الانقلاب والسلاح والوصاية الخارجية".
يشير هذا الموقف إلى تمسك الرياض بوحدة اليمن واستقلال مؤسسات الدولة، مع رفض أي مشروع تقسيمي أو سيطرة مسلحة خارج إطار الشرعية، وهو ما يضع المجلس الانتقالي تحت دائرة المساءلة المباشرة.
بدوره، ركز عبدالله آل هتيلة، مساعد رئيس تحرير صحيفة "عكاظ"، على المسؤولية المباشرة للمجلس الانتقالي عن التجاوزات الأخيرة في حضرموت، موضحاً أن:"المجلس الانتقالي يتحمل مسؤولية ما وقع من تجاوزات وتعديات ومحاولات لفرض الأمر الواقع في حضرموت المسالمة".
ويأتي تصريح سعد بن محمد العمري، الناشط السياسي السعودي، ليؤكد الحزم السعودي في هذا الملف:"اليمن كاملاً خط أحمر لكل خائن وعميل يحاول العبث بأمنه واستقراره. البنادق المستأجرة لن تفرض أمر واقع في اليمن وهذا عشم إبليس بالجنة".
في إطار أوسع، أكد تركي القبلان، رئيس مركز ديمومة للدراسات والبحوث، على أن القضية الجنوبية أكبر من أي تنظيم، وأن حضرموت ليست ساحة يمكن ملؤها بأي قوة لإقامة أمر واقع، موضحاً أن:"ينبع الموقف السعودي من حضرموت والمهرة من تصور أشمل نحو تحقيق السلام والأمن والاستقرار والازدهار في اليمن. حضرموت والمهرة ليستا ساحتين قابلتين لإدراج مناطق نفوذ جديدة أو فراغ يمكن ملؤه بقوة أمر واقع، بل تمثلان عمقاً جغرافياً واجتماعياً شديد الحساسية".
وشدد القبلان على الفصل بين "عدالة القضية الجنوبية" و"احتكار تمثيلها"، محذراً من اختزال الجنوب في شخص أو كيان واحد، مؤكداً أن أي محاولة لاختزال الجنوب في عيدروس الزبيدي أو المجلس الانتقالي لا تخدم القضية الجنوبية، بل قد تدفعها نحو مسار انفصالي هش بدل المسار السياسي الجامع.
وفي سياق مرتبط، أكد رئيس الوفد السعودي إلى حضرموت، اللواء محمد القحطاني، بوضوح على ضرورة خروج قوات المجلس الانتقالي من محافظتي حضرموت والمهرة، مشدداً على أن بلاده ترفض العنف والفوضى، وأن الحل يجب أن يكون ضمن مؤسسات الدولة الشرعية وبما يحافظ على الأمن والاستقرار في المحافظات الشرقية.
يمكن قراءة هذا التصعيد السعودي كإشارة واضحة للمجلس الانتقالي، مفادها أن أي محاولة لفرض واقع موازٍ خارج إطار الدولة ستواجه رفضاً صارماً على المستوى السياسي والإعلامي. الرسائل السعودية المتكررة تؤكد أن حضرموت والمهرة مناطق حساسة لا يمكن إدخالها ضمن مشروع انقلابي ضيق، وأن الحل الوحيد المقبول هو ضمن مؤسسات الدولة، مع مراعاة مصالح جميع المكونات الجنوبية، بعيداً عن الانفصال أو الهيمنة العسكرية الفردية.