"الاشتراكي والناصري ومجلس طارق".. إدمان التأييد لمليشيات الفوضى من الحوثي إلى الانتقالي
مع إعلان المكونات والأحزاب السياسية اليمنية، عن رفضها الكامل للإجراءات الأحادية، التي أقدم عليها المجلس الانتقالي الجنوبي، في محافظات شبوة وحضرموت والمهرة، باستثناء الحزب الاشتراكي والتنظيم الناصري والمجلس السياسي التابع لطارق صالح، وضع تلك المكونات الثلاثة في مرمى الانتقاد والتساؤلات عن هذا الموقف المخزي، والمتناغم مع مشاريع التفتيت والتمزيق للأرض اليمنية.
وفي حين ربط البعض ما حصل من تناغم وتأييد لـ "الاشتراكي والناصري" لما أقدم عليه "الانتقالي" شرق اليمن، بتأييد الحزبين لانقلاب الحوثيين في صنعاء في العام 2014، وتحالف مؤسس المجلس السياسي للمقاومة الوطنية طارق صالح مع الحوثيين أنفسهم، أشار آخرون إلى أن مواقف تلك المكونات بأنها مطروحة للبيع ولمن يدفع أكثر على حساب القضايا الوطنية.
وما يثير الغرابة، أن الموقف الأخير يأتي في ظل أزمة اقتصادية مستعصية، يعمل على حلحلتها الإقليم والعالم، كما أن هناك شبه إجماع على توحيد كل الجهود، ضد الحوثيين، الذين كانوا يترقبون مآلات المعركة القادمة، التي ستتوحد من أجلها كل الأطراف المكونة لمجلس القيادة الرئاسي، إلا إن تلك القوى تشظت لتذهب نحو حضرموت والمهرة لإسقاطها لصالح المطالبين بالانفصال.
ليس الأول
الكاتب والمحلل السياسي "سيف الحاضري"، يؤكد في تعليقه عن ذلك، بأنه "أمر طبيعي"، أن يرفض الحزب الاشتراكي إدانة انقلاب المجلس الانتقالي في حضرموت، وكذلك، أن يصطف إلى جواره الناصري الوحدوي واتحاد القوى الشعبية، فهي بديهيات في منهج هذه الأحزاب.
ويذكر "الحاضري" بموقف الحزب الاشتراكي، في انقلاب مليشيات الحوثي، الذي قال "إنها عملية جراحية مستحبة"، فيما ظهر أمين عام التنظيم الناصري على الشاشات ليبشّر اليمنيين بأن زعيم الانقلاب، عبدالملك الحوثي، هو قائد المرحلة، وقد حقّق – حسب تعبيره – ما عجز التنظيم الناصري عن تحقيقه.
وأضاف: "والحقيقة أن هذه الأحزاب، في مسيرتها وتاريخها، تقف إلى جانب كل مشاريع الفوضى والانقلابات"، مشيراً إلى أنه اليوم تتكرر الصورة بنسخة رديئة تجعل اليسار وكأنه سلعة معروضة للبيع، تارة تحت مظلة الطائفية، وتارة تحت مظلة المناطقية، وكلها اصطفافات خلف مشاريع تسفك دماء الشعب اليمني وتدمّر مؤسساته".
الحاضري، قال: "ومن أخطاء حزب الإصلاح تمسّكه بشراكة مع أحزاب أثخنت ظهره بطعنات الغدر منذ نهاية التسعينات وحتى اليوم وقد حان الوقت ليُنفض الإصلاح غبار أحزاب الخيانة، فالشراكة معها لا يمكن أن تحقق أي نجاح في العمل السياسي الوطني".
خيمة الناصري
وتابع بالقول: "لكن ما يستفزّني حقًا هو تلك الخيمة التي يعتصم فيها أمين عام الناصري في مدينة تعز مطالبًا بقتلة الشهيدة “افتِهان”، بينما يذهب في الوقت ذاته لتأييد مليشيات قتلت وجرحت الآلاف من أبناء الشعب، وتمارس اليوم أبشع الانتهاكات بحق مئات الأسر من أبناء الشمال في مدينة سيئون".
وأردف: "لقد آن الأوان لفرز المواقف بوضوح، والاحتكام إلى ثوابت وطنية حقيقية، بعيدًا عن ازدواجية الخطاب واصطفافات المصالح الضيقة التي لم تجلب لليمن سوى المزيد من الألم".
طعن للوطن
من جانبه، قال الناشط "ياسر ضبر"، "الأحزاب والمكونات السياسية أصدرت بياناً أدانت فيه فعل المجلس الانتقالي، ورفضت بلا أي تردد محاولته فرض أمر واقع خارج حدود الشراكة الوطنية".
وأضاف "ضبر": "بيان جمع الأطراف كافة تحت مظلة مجلس القيادة الرئاسي، ووجه رسالة صريحة أن الدولة لا تدار بمزاج المليشيات، ولا تحكم بالاستفزاز السياسي، وأن زمن فرض الإرادة بالنزوات الفردية قد انتهى، وأن الشراكة الوطنية ليست سلعة للمساومة".
ولفت إلى أنه "برغم وضوح الموقف الوطني، برزت ثلاث جهات، قررت وبكل صفاقة أن تقف خارج الصف، وهي الحزب الاشتراكي، والحزب الناصري، والمجلس السياسي لطارق عفاش"، مشيراً إلى أنها "ثلاث جهات اختارت أن تطعن الوطن من الخلف في اللحظة التي كان يحتاج فيها من يسانده بشرف".
انبطاح
ضبر تابع بالقول: "نفهم انبطاح مجلس طارق عفاش، فالخيوط التي تحركه مرئية للجميع، فقراره يكتب في أبوظبي ويتلى في المخا، وليس غريبا أن يتصرف كدمية تابع لا يملك من أمره شيئاً.
وأردف: "ونفهم أيضاً الحزب الاشتراكي، الذي فقد وزنه السياسي منذ تحوله إلى ظل باهت للمجلس الانتقالي، يردد ما يسمع، ويعطي الغطاء لمن يمزق ما تبقى من الدولة"، وقال مستدركاً: "لكن الكارثة الفعلية الحزب الناصري، هذا الحزب الذي لطالما أصم مسامعنا بشعاراته العروبية والقومية وتغنى بتمسكه بالمبادئ والمواقف الوطنية".
وأضاف: "لكنه فجأه صمت، وأختفى، وكأن المال الإماراتي كفيلاً بأن يطفئ صوته، ويكمم فمه، ويحوله من حزب يدعي الوطنية إلى مكتب سمسرة يبيع الموقف بأبخس الأسعار، هذه اللحظة عرّت الجميع، من يقف مع الوطن ومن يبيعه كسمسار ينتظر السعر الأعلى".
تساؤل
في السياق، قال الصحفي "عبدالله دوبلة": "باستثناء الاشتراكي والناصري، الاشتراكي انفصالي وهذا مفهوم، الناصري ليش ما يدعم رشاد وعلى الأقل صاحبهم".
وأضاف: "صحيح ان البيانات لا تغير شيئا لكنها بيان موقف، ومن لم يكن له موقف مشرف من الحوثي لن يكون له موقف من الانفصالي، الصدق ما عادنا متفاجيء من فسالتهم اعرفهم وخابرهم".
للتاريخ
وعن قبول الاشتراكي والناصري، والمكتب السياسي للمقاومة الوطنية التابع لطارق صالح، بخطوات المجلس الانتقالي في الذهاب نحو الانفصال، اعتبره الصحفي اليمني "عمر العمقي" قراراً للتاريخ.
وأشار إلى أن الأمر نفسه لدى أحزاب: "المؤتمر، الإصلاح، الرشاد، العدالة والبناء، التضامن الوطني، التجمع الوحدوي، السلم والتنمية، الحزب الجمهوري، إضافة إلى حركة النهضة، مجلس حضرموت الوطني، مجلس شبوة الوطني العام" التي رفضت الإجراءات الأحادية التي أقدم عليها المجلس الانتقالي، بما في ذلك تحريك قوات وإنشاء هياكل أمر واقع والاعتداء على صلاحيات الحكومة الشرعية.
بيان الأحزاب
وأمس الثلاثاء، أعلن 11 مكوناً وحزباً سياسياً الرفض الكامل للإجراءات الأحادية التي أقدم عليها المجلس الانتقالي في محافظات شبوة وحضرموت والمهرة، بما في ذلك تحريك قوات وإنشاء هياكل أمر واقع والاعتداء على صلاحيات الحكومة الشرعية.
الأحزاب والمكونات في بيان لها، غاب عنه الاشتراكي والناصري والمجلس السياسي للمقاومة التابع لطارق صالح، أوضحت أنها تابعت بقلق بالغ التطورات في المحافظات الثلاث وما رافقها من محاولات المجلس الانتقالي الجنوبي فرض وقائع جديدة خارج إطار الشرعية ومؤسسات الدولة.
واعتبرت محاولة إخضاع المحافظات الثلاث بالقوة تمثل تهديدًا مباشرًا لوحدة القرار الأمني والعسكري، وقد تدفع نحو صراعات داخلية لا يستفيد منها سوى مليشيا الحوثي ومشروعها المدعوم من إيران.
وقالت "إن ما حصل يعود إلى أسباب سبق وأن حذّرت منها الأحزاب والمكوّنات الموقعة مرارًا، أهمها، حالة الانقسام في مجلس القيادة الرئاسي، وعدم تنفيذ اتفاق الرياض، وعدم الالتزام بإعلان نقل السلطة والمرجعيات الثلاث، إضافة إلى اختلال الشراكة السياسية وحصر القرار الوطني في مكونات محدودة تعاملت مع الوطن بعقلية الوصاية".
وأوضحت أن "الانقسام الحادث الآن، وبصورة حادة وعلنية، والذي أدى إلى الأحداث الأخيرة، سوف تترتب عليه أضرار مباشرة على الثقة بين مكونات الشرعية والمجتمع"، داعية "إلى احتواء الانقسام والعودة إلى الحوار لحل المسائل الخلافية، بما يحفظ المركز القانوني للدولة".
وشددت "على أهمية الاتفاق على إطار خاص للقضية الجنوبية يُطرح بصورة مشتركة في أي مفاوضات للحل الشامل، ووضع رؤية وطنية للخروج من الأزمة وللعمل المستقبلي"، مثمنة الجهود المبذولة من السعودية "لاحتواء الانقسام وعودة القوات القادمة من خارج حضرموت والمهرة إلى مواقعها السابقة".
وفي الوقت نفسه حذرت "من أن أي اضطراب أمني أو سياسي سينعكس سلبًا على انتظام دفع الرواتب، وإمدادات وقود الكهرباء، وثقة المانحين بالإصلاحات الاقتصادية"، مطالبة "الشركاء الدوليين باتخاذ موقف واضح يرفض الإجراءات الأحادية التي أقدم عليها المجلس الانتقالي، ويؤكد دعم الشرعية الدستورية ومؤسسات الدولة، ويمنع توفير أي غطاء سياسي أو دبلوماسي لتحركات تتجاوز إطار الدولة".
ودعت إلى ممارسة ضغط فعّال لإعادة القوات الوافدة من خارج شبوة وحضرموت والمهرة إلى مناطقها وثكناتها، ووقف أي محاولات لمنازعة الحكومة سلطاتها أو خلق مسارات موازية للدولة.