باحث سعودي: الرياض تنظر لحضرموت كخط أحمر أمني ومنفذ محتمل لنقل الطاقة إلى بحر العرب

2025-12-20 09:27 الهدهد/ متابعات خبرية:
هشام الغنام، باحث سعودي
هشام الغنام، باحث سعودي

كتب الباحث السعودي د. هشام الغنام مقالًا بعنوان «ما الذي يجري في حضرموت»، نشره على منصة ثمانية السعودية، تناول فيه تعقيدات المشهد السياسي والأمني في حضرموت، بوصفها ساحة تقاطع إقليمي ومحلي، وليست مجرد محافظة يمنية تعيش على هامش الصراع.

وأشار الغنام إلى أن السعودية تنظر إلى وادي حضرموت وصحرائها بوصفهما خطًا أحمر أمنيًا، موضحًا أنها استثمرت مئات الملايين من الدولارات في المساعدات التنموية، ودعمت تشكيل المجلس الوطني الحضرمي، إضافة إلى نشر قوات درع الوطن تدريجيًا.

كما ترى الرياض في حضرموت منفذًا استراتيجيًا محتملًا إلى بحر العرب، يتيح لها تنويع مسارات التجارة والطاقة بعيدًا عن مضيق هرمز. وفي هذا السياق، لفت المقال إلى أن السعودية طالبت، عبر رئيس الوفد السعودي إلى حضرموت اللواء محمد القحطاني، بخروج جميع قوات المجلس الانتقالي الجنوبي من حضرموت والمهرة، مؤكدة في الوقت ذاته أن قضية الجنوب قضية عادلة لا يمكن تجاهلها أو تجاوزها.

وبحسب الغنام، فإن الإمارات العربية المتحدة تنظر بدورها إلى حضرموت من زاوية استراتيجية المحيط الهندي ومكافحة الإرهاب، حيث عملت على جعل النخبة الحضرمية أقوى قوة أمنية في الجنوب، بهدف تأمين طرق التجارة البحرية، ومواجهة تنظيمي القاعدة والإصلاح في آن واحد.

وتوقف المقال عند هجوم ديسمبر 2025، مشيرًا إلى أن السعودية أغلقت الأجواء اليمنية مؤقتًا في 8 ديسمبر، وأرسلت وفدًا رسميًا طالب بانسحاب قوات المجلس الانتقالي من حضرموت والمهرة، في خطوة قالت إنها تأتي ضمن ترتيب جديد يضمن استمرار إنتاج شركة بترومسيلة النفطية. وتناول الغنام موقع المجلس الانتقالي الجنوبي في هذه المعادلة، موضحًا أنه تأسس في مايو 2017، ويدعو إلى الاستقلال الكامل وإعادة دولة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (1967–1990)، ويملك ثلاثة مقاعد في مجلس القيادة الرئاسي، من بينها مقعد رئيسه عيدروس الزُبيدي.

وبالنسبة إلى المجلس الانتقالي، تُعد حضرموت العمود الفقري الاقتصادي لأي دولة جنوبية مستقبلية، وقد عمل على تطوير علاقاته مع عدة أطراف إقليمية، في مقدمتها الإمارات.

وفي المقابل، أشار المقال إلى وجود مقاومة حضرمية واضحة للمشروع الانفصالي، إذ تسود في حضرموت رؤية تعتبر سيطرة الانتقالي شكلًا من أشكال الاحتلال، خاصة أن معظم قياداته تنتمي إلى لحج والضالع، وهي مناطق لا ترتبط تاريخيًا بحضرموت.

كما يستحضر كثير من الحضارم تجارب العنف والتهميش ومصادرة الأملاك التي ارتبطت بمرحلة الجمهورية الديمقراطية السابقة. ورغم انتشار أعلام دولة الجنوب السابقة في شوارع المكلا بفعل تعبئة الانتقالي، لا تزال أعلام الجمهورية اليمنية الموحدة مرفوعة في سيئون، في تعبير رمزي عن رفض الانفصال. وتحدث الغنام عن ما أسماه «الطريق الثالث»، الذي يمثله المجلس الوطني الحضرمي، والذي تشكل في يونيو 2023 بمشاركة 86 شخصية، ساعيًا إلى طرح بديل يقوم على حكم إداري واقتصادي محلي لحضرموت داخل يمن موحد، مع رفض المركزية المفرطة كما يرفض الانفصال.

وأكد أن منظمات حضرمية كبرى، مثل مؤتمر حضرموت الجامع ورابطة قبائل حضرموت، ترفض إطار المجلس الانتقالي صراحة، معتبرة أنه لا يعبّر عن تطلعات حضرمية حقيقية، وتفضّل بدلًا من ذلك هيكلًا سياسيًا يضمن تمكينًا أوسع وحصة عادلة من الثروة في إطار الدولة اليمنية الموحدة.

غير أن التحدي الأبرز، وفق المقال، يتمثل في قدرة المجلس الوطني الحضرمي على تحقيق إجماع حضرمي واسع، وامتلاك القوة اللازمة لتحويل رؤيته إلى واقع عملي.

واختتم الغنام مقاله بالتأكيد على أن السعودية لن تقبل بأن تفسد أي قوى استثماراتها في مستقبل أكثر استقرارًا لليمن ومناطقه المختلفة. أما بالنسبة إلى المواطن الحضرمي العادي، فإن ما يجري اليوم يمثل تهديدًا مباشرًا لكل ما جعل حضرموت استثناءً نسبيًا في مشهد الانهيار اليمني العام، من حيث التماسك الاجتماعي، وتقاليد الوساطة، والسلام النسبي، إضافة إلى الأمل بأن تتحول ثروات المحافظة يومًا ما إلى مصدر ازدهار، لا مجرد جائزة تتصارع عليها القوى المتنافسة.