في خاصرة السعودية والسلطنة.. كيف أدارت الإمارات عمليات اجتياح حضرموت والمهرة؟
كشف موقع "ديفانس لاين" اليمني، الثلاثاء، الدور الإماراتي، في العلميات العسكرية، لمليشيا المجلس الانتقالي التي سيطرت على محافظتي حضرموت والمهرة، (شرقي البلاد)، مطلع الشهر الجاري, والتي استبقتها بتزويد تلك المليشيا بأسلحة ومدرعات حديثة، إضافة إلى طيران مسير.
الموقع الذي يعنى بالشأن الأمني والعسكري، أشار إلى عودة مفاجئة من أبو ظبي، لرئيس "الانتقالي"، عيدروس الزبيدي، ونائبه عبدالرحمن المحرمي، على متن طائرة عسكرية إماراتية، مساء الخميس 27 نوفمبر، وذلك قبل يومين من بدء عملية السيطرة على المحافظتين، وبرفقتهما ضباط إماراتيون رفيعو المستوى، وعدد من القيادات العسكرية في المجلس الانتقالي.
وذكر في تقرير له، أن العودة غير الاعتيادية للزبيدي ونائبه تزامنت مع انعقاد أعمال المؤتمر الوطني الأول للطاقة، بحضور عبدالله العليمي ورئيس الحكومة سالم بن بريك، حيث أعلن سفير دولة الإمارات لدى اليمن، محمد الزعابي، تخصيص بلاده مبلغ مليار دولار لمشاريع تنموية استراتيجية في اليمن، لافتاً إلى أنه إعلان غير مألوف، سواء من حيث طبيعته أو توقيته، وأثار علامات استفهام تجاوزت حدود الداخل اليمني.
بالتزامن، اتجه ضباط إماراتيون وخبراء أجانب شرقاً نحو مدينة المكلا، عاصمة ساحل حضرموت، حيث حطوا في مطار الريّان، الذي يُعد القاعدة العسكرية الإماراتية ومركز القيادة والسيطرة لعملياتها منذ منتصف عام 2016، ومنها أُشرفوا على تحضيرات عملية عسكرية جريئة أُطلق عليها "المستقبل الواعد".
الموقع تطرق إلى دور "صالح علي حسين الشيخ أبو بكر"، المعروف بـ(أبو علي الحضرمي)، الذي ظهر في أغسطس الماضي، على رأس قوة انتقالية تحت مسمى "قوات الدعم الأمني"، كفرع مستحدث اسمياً ضمن قوات "النخبة الحضرمية".
وأشار إلى أن "الحضرمي"، اشتراكي سابق ينتمي إلى "رابطة أبناء الجنوب"، وأنه شغل منصب مستشار لنائب الرئيس الأسبق علي سالم البيض، ومديراً لمكتبه، ويصف علاقته به بأنها ذات طابع عائلي، كما برز كقيادي في "حركة تقرير المصير – حتم"، وعُيّن أميناً عاماً لها، وهي الجناح المسلح للحراك الانفصالي الذي تأسس في التسعينيات بدعم وتمويل إيراني.
وأوضح أنه تولّى إدارة قناة "عدن لايف"، التي أُنشئت بدعم من حزب الله، واعتمدت خطاباً متماهياً مع الحوثيين ومحور إيران. كما عمل سابقاً مسؤولاً عن تجنيد وتدريب عناصر جنوبية في لبنان وصعدة، ويرتبط بعلاقة وثيقة مع الإمارات، ويعمل تحت إشراف غرفة العمليات التابعة للقوات الإماراتية في جزيرة ميون.
وعن قوة الدعم الأمني، التي يقودها "أبو علي الحضرمي"، أشار "ديفانس لاين"، إلى أنها شُكّلت من مقاتلين موالين للانتقالي من الضالع ولحج وعدن، وحظيت برعاية إماراتية خاصة، وزُوّدت بأسلحة متطورة ومدرعات وكاسحات ألغام وطائرات مسيّرة.
ولفت إلى أن الحضرمي نشط خلال الفترة الماضية، كما لو أنه يمسك بزمام المبادرة، متنقلاً بين لقاءات قبلية، ودافعاً بقواته للاحتكاك مع قوات الحلف والتقرب من مناطق تمركزها. وخلال فعالية في قصيعر، وجّه تهديدات مباشرة لبن حبريش بالاسم، متحدثاً عن "جيش الجنوب العربي"، ومتوعداً بعدم السماح ببقاء الحلف وقواته، واتهامها بقطع الطرق وتهريب السلاح والمخدرات.
وأشار إلى أنه ظاهرياً، كان عنوان التصعيد مواجهة قوات الحلف، غير أن الوقائع أظهرت لاحقاً أن الهدف الحقيقي كان مدينة سيئون، وجغرافيا الوادي والصحراء، ضمن خطة خداعية لتحييد بن حبريش، الذي أطلق عليه أنصاره لقب "سلطان الجبل".
وذكر أنه في 30 نوفمبر، شهد الزبيدي استعراضاً عسكرياً لقوات الانتقالي بساحة العروض بمدينة خور مكسر، استُدعي لحضور العرض وزيري الدفاع والخارجية والوزراء الجنوبيون في الحكومة الشرعية، وقفوا جميعا لتحية العلم الجنوبي، وعلى أنغام نشيد جنوبي، أدى الزبيدي التحية لسرايا عسكرية وأمنية. وصف أنصار الانتقالي الفعالية بأنها الأولى من نوعها منذ عام 89م، ورأوا فيها تعبيراً عن "الجيش الجنوبي" المنتظر.
ووفق التقرير، عملت أبوظبي لسنوات على الاقتراب من الخاصرة الجنوبية للسعودية، ومحاولة وضع قدم على حدود مفتوحة تمتد لأكثر من 800 كيلو متر في صحراء الربع الخالي، كما عملت على الجهة الأخرى شرقاً، للاقتراب من حدود سلطنة عُمان، خصمها اللدود، الممتدة قرابة 183 ميلاً عبر جغرافيا محافظة المهرة على سواحل البحر العربي.
التقرير، أفاد بأن الإدارة المركزية الإماراتية تجلت باشتراك كامل الأدوات والأذرع المحلية، إلى جانب تحرك دبلوماسي هدفه تحييد المجتمع الدولي وطمأنة الممثليات الدبلوماسية وشراء صمتها، مع تسويق التصعيد بذريعة "محاربة الإرهاب والتهريب" التي ارتكز عليها خطاب أبوظبي إعلاميا ودعائيا منذ نحو عقد.
وأكد أن الإمارات شكّلت غرفة عمليات مركزية لإدارة العملية، إلى جانب مراكز متقدمة في حضرموت وشبوة، كما شارك ضباط إماراتيون ميدانياً في العمليات، أوكلت إليهم مهام الإسناد المعلوماتي والتوجيه العملياتي، موضحاً أن اللواء ركن هيثم قاسم طاهر، وزير الدفاع الأسبق ورئيس اللجنة العسكرية والأمنية المساندة للمجلس الرئاسي والمكلفة بهيكلة القوات اليمنية، شارك في تسيير العمليات.
وفي المواجهات، قال إنه تم الدفع بسرب متطور من الطيران المسيّر –قتالي واستطلاعي– لاستهداف معدات ومواقع القوات الوطنية. وأصدرت القوات الإماراتية تعميماً لجميع التشكيلات الموالية لها بالتعبئة العامة والالتزام بالتعليمات.
وذكر أن الانتقالي حشد أكثر من 13 لواءً من مختلف تشكيلاته العسكرية والأمنية بكامل قواتها وعتادها، إلى جانب كتائب أخرى نُقلت من عدن ولحج وأبين والضالع وشبوة، إلى حضرموت والمهرة، وأطراف شبوة، مؤكداً أن المصادر قدرت أعداد المقاتلين بقرابة 15 ألف مقاتل.
وطبقاً للتقرير، استبقت الإمارات التحركات السعودية ووصول لجنة وساطة إلى حضرموت بتفجير الموقف، ووجّهت قواتها لاجتياح مدينة سيئون بهجوم خاطف ومتزامن، بعد ساعات من صدور توجيهات رئاسية أصدرها رشاد العليمي إلى وزير الدفاع والجهات العسكرية والأمنية والمحافظين بمنع تحرك أي قوات أو تعزيزات إلى حضرموت.
وأكد أنه مع هبوط طائرة الوساطة السعودية في المكلا، كان الانتقالي يعلن سيطرته على القصر الجمهوري ومقار المنطقة العسكرية الأولى في سيئون، ثم استمر زحف قواته في مديريات الوادي والصحراء. وفي الوقت الذي حط فيه القحطاني في قصر المكلا، كانت قوات الانتقالي تقتحم مقر مفرزة القوات السعودية في قيادة المنطقة الأولى بسيئون.